ما الذي يعنيه لكم اليوم العالمي للمتطوعين؟
يُعد اليوم العالمي للمتطوعين فرصة للتأمل فيما أنجزناه في هذا المجال، والاحتفاء بقيمنا، وتسليط الضوء على أهم أعمالنا. إنه وقت مثالي لإلهام الآخرين وإبراز أهمية التطوع في الاستجابة للتحديات التي تواجهها مجتمعاتنا المحلية والعالمية. وفي هذه المناسبة، أود توجيه الشكر إلى كل من كرس وقته وخصص جهده لدعم المحتاجين. فهذا الإيثار والتفاني يبث الأمل في مجتمعنا، ويظهر لنا أن التعاطف والتآزر الإنساني لا حدود له. وهنا في المملكة العربية السعودية، تلعب الزكاة والصدقة دورا مهما بمختلف أشكالها، فهي قيم متجذرة في أصل عقيدتنا وثقافتنا. وهو ما يُعتبر جزءا من مسؤولية المرء تجاه مجتمعه، حيث أدى العطاء الهادف على مر التاريخ إلى تقريب المجتمع وتآزره. ويؤكد ذلك من جديد أهمية العمل الإنساني وتأثيره على تعزيز ثقافة العطاء والعمل التطوعي. لهذا السبب أعلنت المملكة، كجزء من رؤية 2030، عن مبادرات نوعية ضمن برنامج التحول الوطني لتعزيز التنمية الاجتماعية وتشجيع العمل التطوعي في جميع مناطق المملكة، مع وضع هدف رفع أعداد المتطوعين إلى 600 ألف متطوع بحلول عام 2025 ومليون متطوع بحلول عام 2030.
من الواضح أن العمل التطوعي هو جزء هام في منظومة عملكم الإنساني منذ البداية – هل هناك أي محطات برزت لك بشكل خاص؟
إن عملنا مع المنظمة العالمية للحركة الكشفية، التي هي واحدة من أكبر المنظمات القائمة على العمل التطوعي بقيادة المتطوعين، هو عمل أفخر جدا به. ويشارك في المنظمة أكثر من 57 مليون شاب في جميع أنحاء العالم، ومعهم نقوم بإحداث تأثير بالغ في حياة المجتمعات الأشد حاجة، من خلال التعليم وتبادل المعرفة والأنشطة عبر شتى المجالات. وقد شهدت المملكة العربية السعودية حتى الآن مشاركة 750 متطوع في الكشافة خلال عام 2022 –وهو ما يمثل زيادة بنسبة 47٪ في أقل من عقد من الزمان. وقد ساهمت مؤسسة الوليد للإنسانية في توسيع فرص التطوع من خلال عدة مبادرات، مثل إقامة مجموعات الكشافة النسائية والشبابية في جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن وجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل. ونحن نعمل حاليا على إشراك المزيد من الشباب والمتطوعين في قطاع التعليم من أجل التنمية المستدامة.
سمو الأميرة سما، لقد تغير وجه التطوع في المملكة العربية السعودية خلال السنوات القليلة الماضية مع ظهور المزيد من الفرص لدخول النساء إلى الميدان التطوعي. ما هي بعض أهم الفرص المتوافرة للمتطوعات؟
شهدت المملكة العربية السعودية تطورا ملحوظا في دعم دخول المرأة إلى شتى المجالات، بما في ذلك العمل التطوعي والخدمة المجتمعية. فعلى سبيل المثال، تقوم لجنة فتيات الكشافة السعودية بتشجيع الفتيات على المشاركة في العمل التطوعي المجتمعي ضمن قطاع التعليم العالي. نعمل مع مؤسسة الوليد للإنسانية والمنظمة العالمية للحركة الكشفية لدعم مشاركة النساء والشباب، وتوفير برامج تطوعية في الجامعات السعودية، وتطبيق إطار عمل الكشافة العالمية لإعدادهم للمشاركة في مشاريع التنمية غير الربحية. وبصفتي رئيسة لجنة فتيات الكشافة السعودية وعضو الصندوق الكشفي العالمي، أسعى باستمرار لتمكين النساء والشباب من تنمية وتطوير أنفسهم ومجتمعاتهم. وأنا فخورة بإنجازاتهم الأخيرة، مثل المشاركة في أول حدث من نوعه للفتيات في مخيم الكشافة العالمي في الولايات المتحدة الأمريكية واستضافة ورشة عمل الكشافة التعليمية لتمكين المرأة وتكافؤ الفرص في الرياض بمشاركة ممثلين من 14 دولة.
كيف يرتبط التطوع بعملك اليومي كأمين عام في مؤسسة الوليد للإنسانية؟
تشجع المملكة العربية السعودية باستمرار ثقافة التطوع من أجل تنمية المجتمع وبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة. إنها ركيزة بالغة الأهمية شكلت مجتمعنا، وأسهمت بترسيخ معاني الولاء والرحمة في مجتمعنا. وفي هذا السياق، ووفقاً لتقرير الأمم المتحدة عن حالة التطوع في العالم لعام 2022، تعتبر المملكة العربية السعودية الدولة العربية الوحيدة التي أجرت قياسات تطوعية إحصائية وطنية إلى جانب 23 دولة أخرى من بين التجمعات الإقليمية للدول العربية التابعة للأمم المتحدة. وقد كان لبرنامج التحول الوطني وهو أحد برامج رؤية المملكة 2030 أثر كبير في زيادة عدد المتطوعين في المملكة من خلال إطلاق يوم التطوع السعودي في 5 ديسمبر لتعزيز القيم، وقيادة الوعي، وخلق تأثير إيجابي للعمل التطوعي. وعلى هذا النحو، فإن مثل هذه الجهود شجعتنا للاستمرار بما نقوم به في مؤسسة الوليد للإنسانية في دعم جهود التطوع. ومما لا شك فيه بأن التطوع يساعد على تحسين حياة الآخرين إلى جانب تعزيز الجانب العاطفي والنفسي من خلال المشاركة الجماعية. ولا شك بأن العمل التطوعي يلعب دوراً أساسياً لتلبية احتياجات وخدمات المجتمع الحيوية لتحسين حياتهم.
ما هي التغييرات التي طرأت على التطوع في المملكة العربية السعودية منذ عام 2020؟ وكيف ساهمت مؤسسة الوليد للإنسانية في النقلة النوعية في العمل التطوعي؟
بفضل دعم صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ورؤية المملكة 2030، تجاوز عدد المتطوعين أكثر من 376،086 متطوعاً في عام 2021، ووصل عدد المستفيدين من الأنشطة التطوعية إلى أكثر من 15 مليون مستفيد. وقد انعكس الدعم الكبير من المملكة بشكل إيجابي على نمو العمل التطوعي، حيث عزز ثقافة دعم المجتمع والتوعية بالعمل التطوعي. كما أن ثقافة التطوع موجودة بالأساس في نسيج مجتمعنا، وهذا بدوره يسهم في استمرارية نمو أنشطة العمل التطوعي مع تولي المزيد من الأشخاص زمام المبادرة.
وقد عملنا جنباً إلى جنب مع مؤسسة برشلونة، الذراع الخيري لفريق برشلونة لكرة القدم، على برنامج امتد على مدى 12 شهراً في 6 مخيمات للاجئين. ووفر البرنامج تدريباً لما مجموعه 100 مدرب ومتطوع في كل من الفصول الدراسية والجلسات العملية. وشهد البرنامج مشاركة أكثر من 470 من الأطفال اللاجئين في أنشطة التطوع التي وفرناها في مؤسسة الوليد للإنسانية إلى جانب أنشطة مؤسسة برشلونة. ونتوقع تسجيل أكثر من 2000 طفل وشاب لاجئ للمشاركة في أنشطة رياضية وتعلم مهارات جديدة قائمة على التعليم مرتين في الأسبوع.
ومنذ أكثر من 40 عاماً، ساهمت مؤسسة الوليد للإنسانية في توسيع فرص التطوع في المملكة من خلال توفير العديد من المبادرات والمشاريع والبرامج في أكثر من 124 دولة، مع التركيز على تلبية احتياجات المجتمع بغض النظر عن الجنس أو العرق أو الدين.